jeje

الخميس، 28 نوفمبر 2013

ممر التنمية والتعمير

ممر التنمية والتعمير

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
خريطة توضح مسار ممر التعمير
ممر التنمية والتعمير في الصحراء الغربية هو مقترح قد تقدم به الدكتور فاروق الباز منذ سنوات بغرض إنشاء طريق بالمواصفات العالمية في صحراء مصر الغربية يمتد من ساحل البحر المتوسط شمالا حتي بحيرة ناصر في الجنوب وعلي مسافة تتراوح بين ‏10‏ و‏80‏ كيلو مترا غرب وادي النيل‏,‏ يفتح هذا الممر آفاقا جديدة للامتداد العمراني والزراعي والصناعي والتجاري حول مسافة تصل الي ‏2000‏ كيلو متر‏.

مقدمة

تؤهل هضبة الصحراء الغربية القيام بما يتطلبه تعزيز واقع التنمية والتعمير بموازرة نهر النيل. لذلك فقد تم اقتراح مشروع التنمية والتعمير منذ عشرين عاماً وهو ما زال مطروحاً حتى الآن نظراً لإزدياد أهميته. تحدد هذه المقالة ملامح برنامج التوسع العمراني والزراعي والصناعي والتجاري والسياحي رويداً رويداً علي مسار 12 محور يصل طولها الكُلي إلى 1200 كيلومتر، تبدأ من مراكز التكدس السكاني وتمتد غرباً حتى تصل إلى طريق من ساحل البحر المتوسط شمالاً حتى بحيرة ناصر في الجنوب بطول 1200 كم تقريباً وعلى مسافة تتراوح بين 20- 30 كم من حافة هضبة الصحراء الغربية. لقد أُختبر هذا الجزء من الصحراء الغربية بناءاً على خبرة في تضاريس مصر وإمكانتها التنموية. حيث يتكون الشريط المتاخم لوادي النيل من هضبة مستوية بميل بسيط من الجنوب إلى الشمال بموازرة النيل. ولا تقطع المنطقة أودية تهددها السيول كما هو الحال في شرق النيل أو كثبان رملية متحركة كما هو الوضع في المنخفضات غرب المنطقة. كذلك تتواجد مساحات شاسعة من الأراضي التي يسهل استصلاحها لإنتاج الغذاء إضافة إلى احتمالات تواجد المياه الجوفية.
يفتح هذا الممر بأكمله آفاقاً جديدة للإمتداد العمراني والزراعي والصناعي والتجاري والسياحي حول مسافة تزيد عن 2000 كم لتخرج مصر من الوضع الإجتماعي الصعب والمختنق.

مكونات المشروع

يتضمن مقترح ممر التعمير إنشاء : ‏
  1. طريق رئيسي للسير السريع بالمواصفات العالمية يبدأ من غرب الإسكندرية بمدينة العلمين ويستمر حتي حدود مصر الجنوبية بطول‏1200‏ كيلو متر تقريبا
  2. اثنا عشر فرعا من الطرق العرضية التي تربط الطريق الرئيسي بمراكز التجمع السكاني علي طول مساره بطول كلي نحو‏800‏ كيلو متر‏.‏
  3. شريط سكة حديد للنقل السريع بموازاة الطريق الرئيسي
  4. انبوب ماء من بحيرة ناصر جنوبا وحتي نهاية الطريق علي ساحل البحر المتوسط‏
  5. خط كهرباء يؤمن توفير الطاقة في مراحل المشروع الأولية‏.‏[1]

التمويل

أعيد طرح المقترح للتنفيذ بأموال مستثمرين من القطاع الخاص الوطني أولاً ثم العربي ثانياً ثم العالمي ثالثاً.
يحتاج المشروع إلى شراكة بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص وعامة الناس. يلزم تحديد دور كل منهما في كمية وآلية التنفيذ. وبالنسبة للقطاع الخاص ينبغي اعتبار إمكانيات الاستثمار العربي والعالمي. و يجدر بالذكرأن نجاح التمويل تتطلب تسويقاً متميزاً. إذ لا يضر أن يشمل تقييم كيفية التمويل على متطلبات الحملة الإعلامية لتسويق المشروع محلياً وعالمياً.

تحديد مراحل التنفيذ والجدول الزمني

تقسيم المشروع إلى مراحل وإعداد الجدول الزمني مرتبط بشكل أساسي بمخطط التمويل ثم التشغيل. و لذلك فإذا افترضنا أن المشروع يمكن إكماله في عشر سنوات. فيجب اعتبار أن الخمس السنوات الأولى منها لإنهاء المحاور العرضية البنية التحتية للمشروعات المخطط لها على كل محور مما يؤهل الزحف التدريجي في اتجاه الغرب. أما الخمس سنوات التالية فيمكن تخصيصها للمحور الطولي الذي يعتبر العمود الفقري لربط المحاور بعضها ببعض وبالخارج شمالاً وجنوباً.

المحاور العرضية

خريطة جيولوجية توضح مسار محور الإسكندرية

محور الإسكندرية

يبدأ ممر التنمية على ساحل البحر المتوسط بالقرب من موقع العلمين. ويمتد أول محاوره شرقاً إلى الإسكندرية ويعتبر لذلك شريان يربط الممر بشمال الدلتا. ولأنه يوازي ساحل البحر فهو يؤهل التنمية في قطاعي السياحة وتنمية الموارد السمكية إضافة إلى زراعة الفواكه التي تزدهر في هذا المناخ.
بالنسبة للقطاع السياحي يمكن أن ترقى المنطقة إلى مستوى عالي جداً، أولاً لأن المكان له أهمية تاريخية في أوروبا، ثانياً لأن مياه البحر بالقرب من العلمين هادئة تحميها الطبيعة الجغرافية للمنطقة. لذلك يمكن التخطيط الشامل لعشرات من المشاريع السياحية على أعلى المستويات العالمية لتحقيق طفرة سياحية تعادل أو تفوق كل ما يعود على مصر من السياحة في الوقت الحالي على غرار ما تم من مبادرات في دبي لجذب السياحة العالمية في صورة غير مسبوقة.
أما بعيداً عن الشاطئ فتذخر المنطقة بالتربة الصالحة لزراعة الفواكه وخاصةً التين والعنب. هذه المحاصيل بالذات يتذوقها الأوروبيين لذلك فيمكن تسويقها محلياً إضافة على تصديرها.
تؤهل بيئة المنطقة القيام بما يلي:
  1. تطهير المخازن القديمة وحفر مخازن جديدة لحفظ ماء المطر الذي يتجمع على سطح الصحراءالساحلية في صخور الحجر الجيري بالمنطقة كما كانت تستخدم من عصر الرومان وحتى عصر الثورة.
  2. تشييد مراوح هوائية لضخ المياه الجوفية من الآبار على طول الساحل
  3. لأهمية المكان التاريخية يمكن التخطيط لإنشاء متاحف حربية.

تحديات محور الإسكندرية

إزالة الألغام الباقية من الحرب العالمية الثانية قبل البدء في تنميته. حيث أن هذا الشريط الساحلي قد لعب دوراً لا يستهان به خلال هذه الحرب التي كانت بين الجيش المصري والإنجليزيالجيش الإنجليزي ضد الجيش الألماني والإيطاليالجيش الإيطالي المدعم له في ليبيا. يُقدر المؤرحون أن المنطقة تذخر ب 20 مليون لغم مضاد للأفراد والسيارات الحربية وحتى الدبابات. كما يستلزم على هذه الدول الصديقة الآن ألا تتخلى عن إزالة هذه الألغام. تقوم حالياً السيدة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي بعرض الأمر على الدول الأوروبية المعنية للمشاركة في ذلك وأيضاً في دعم المشروع مادياً وتكنولوجياً لفتح باب الإنماء الشامل في ربوع العلمين.

محور طنطا

خريطة جيولوجية توضح مسار محور طنطا
يمتد محور طنطا من الأرض الزراعية في منتصف الدلتا غرباً مروراً بأرض صحراوية مستوية. لذلك يجب التخطيط للإعمار في الأخيرة للإقلال من الضغط على التربة الزراعية. يمكن أن تكون أول الأماكن المختارة هي لإقامة مدن وقرى جديدة تبدأ على حدود الأراضي الخصبة وتزداد إلى الغرب رويداً رويداً مع الزمن حتى يتم إعمار الأراضي على طول المحور بين حدود الأراضي الزراعية الحالية وحتى المحور الطولي في الغرب. يمر الجزء الغربي من المحور بالمنفذ الشمالي لوادي النطرون وما به من آثار لتاريخ طويل. يصل المحور بعد ذلك إلى هضبة قليلة الارتفاع يمكن تهيئتها لإقامة المصانع. لأن الريح تأتي من الشمال إلى الجنوب لذا فإن العوادم الدخانية لن تؤثر على السكان إطلاقاً. هذا ولقد أثبتت التنمية الزراعية على جانبي طريق القاهرة- الإسكندرية الصحراوي أن هذه المنطقة من الصحراء الغربية بها ما يكفي من التربة الخصبة وكذلك المياه الجوفية على أعماق مختلفة تسمح بالتوسع السكاني فيها. إضافة إلى التوسع العمراني يجب اعتبار هذه المنطقة مصدراً جديداً لإضافة محسوسة للإنتاج الحيواني مثل تربية الأبقار والأغنام والجمال وحتى الطيور، على مستوى واسع يسمح ليس فقط للاستهلاك المحلي ولكن أيضاً للتصدير.

محور القاهرة

خريطة جيولوجية توضح مسار محور القاهرة
يؤهل هذا المحور ربط المحور الطولي بطريق مصر – إسكندرية الصحراوي ثم بأكبر تجمع سكاني في قارة أفريقيا باكملها "القاهرة". ليس هناك حدود لما يمكن انجازه على مسار هذا المحور في نواحي الإعمار وإنشاء المصحات والمستشفيات والجامعات والمدن الجامعية والمدن العسكرية وكذلك المصانع زائداً على الزراعات الصحراوية. يمكن أيضاً اختيار مواقع لإقامة عشرات المدن وأعداد أكثر من القرى حولها في الجزء الشرقي من محور القاهرة. يصح أن يتم ذلك بدعوى ذوي الأفكار لإقتراح مشاريع عمرانية جديدة تستخدم ما توفره البيئة المحلية من صخور للبناء وطبقات الزلط والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وما إلى ذلك. يصح أيضاً التخطيط لإنشاء مدينة طبية لإحتواء عدد من المستشفيات الحكومية والخاصة والمصحات السياحية والمعامل ومراكز الأبحاث الطبية وكذلك مصانع تصنيع الدواء. يمثل النصف الغربي للمحور موقعاً متميزاً للصناعات الخفيفة حيث أن إخراجاتها من الهواء الملوث لا يمكن أن يؤثر على مواقع معيشة الناس ذلك لأن الرياح تأتي من الشمال للجنوب.
ينوه فاروق الباز أيضاً إلى إمكانية امتداد محور القاهرة في الشرق حتى طريق السويس لربط ممر التنمية والتعمير بميناء السويس. يؤهل ذلك نقل البضائع برياً من البحر المتوسط إلى البحر الأحمرو بالعكس خلال طريق سريع كمجال إضافي للنقل البحري عبر قناة السويس كلما لزم الأمر.

محور الفيوم

خريطة جيولوجية توضح مسار محور الفيوم
يصلح السهل المستوي في شمال غرب منخفض الفيوم لإقامة العديد من الصناعات الثقيلة بعيداً عن العمران. يمكن مثلاً إقامة عدد من مصانع الأسمنت التي تستخدم خامات الحجر الجيري بالمنطقة. هذه المنطقة بالذات تصلح لقيام مثل هذه الصناعات لأن اتجاه الرياح يتجه من الشمال إلى الجنوب بحيث يمنع وصول الدخان الناتج إلى أي منطقة آهلة بالسكان ويرسلها إلى صحراء غير مأهولة، إلا في أوقات "الخماسين" حيث تتجه الرياح من الجنوب.

محور البحرية

خريطة جيولوجية توضح مسار محور البحرية
يؤهل محور البحرية ربط ممر التنمية والتعمير بواحات الصحراء الغربية كلها. الواحات البحرية هي مجموعة من القرى تقع في منخفض البحرية. إذا كانت بدايته في الشرق فإن نهايته في الغرب تؤهل الوصول إلى واحة الفرافرة. من واحة الفرافرة يمكن التوجه في اتجاه الشمال الغربي إلى واحة سيوةأو في اتجاه الجنوب - الجنوب الشرقي إلى الواحات الداخلة وهذه أيضاً عدة بلدان تتركز حول محور شرق-غرب. امتداد الطريق شرقاً يوصل إلى آخر مجموعة وهي الواحات الخارجةو التي تتركز حول محور ممتد من الشمال إلى الجنوب حيث توجد آخرها باسم باريس. يختلف واقع التنمية الزراعية والصناعية في واحات الصحراء الغربية عن ما هو الحال في وادي النيل والدلتا. ولكن للأسف تقوم الزراعات حالياً عن مبدأ الإكتفاء الذاتي محلياً فقط. أي لزوم إنتاج كل من القمح والأرز محلياً. والأرز يحتاج إلى كميات هائلة من المياه لذلك يزداد ضخ الماء من الآبار الذي ينتج عنها هبوط مستواها أو ازدياد ملوحتها أو الإثنين معاً. إضافة إلى ذلك فإن تقسيم الأرض لا يأخذ في الحسبان الإختلاف البسيط في منسوبها والتعامل معه فتلزم تسوية الأرض التي يمكن أن تقلل من خصوبتها نتيجة لتعرية طبقات غير خصبة. في نفس الوقت يتم إيصال الماء إلى الأرض خلال مسارات الري. ثم تصريفها على طول وادي النيل في ترع الصرف من الشمال إلى الجنوب مع انحدار الأرض شمالاً.

محور المنيا

خريطة جيولوجية توضح مسار محور المنيا
محور المنيا هو أقصر الطرق التي توصل ممر التنمية والتعمير بوادي النيل. ينتج هذا الواقع من اقتراب هضبة الصحراء الغربية من الوادي. كذلك فإن هذا الممر هو الوحيد الذي يقطع مساره خطوط كثبان رملية. هذه الرمال تبدأ في جنوب منخفض الفيوم وتمتد جنوباً حتى تقترب من الزراعة وتغطي بعضها غرب المنيا. يتضح من الصور الفضائية أن النطاق المحصور بين خطي الكثبان الرملية قد استخدم الجزء الشمالي في الزراعة بشكل جيد. أما الجزء الممتد في جنوب مسار الفرع فيشمل على أرض منبسطة تسمح بإنشاء مدينة جديدة كاملة تفوق مساحتها مساحة مدينة المنيا بأكملها. لذلك فهي تصلح للإعمار وفتح المجال لانتقال الكثير من المنشآت مثل مؤسسات المحافظة والجامعة وما إليها. وجود مثل هذا المكان الواسع الملائم للتعمير يعتبر منفذاً متميزاً لمدينة المنيا لا يبعد عن موقعها الحالي سوى بضعة كيلومترات. تسمح المنطقة التي تعلو الهضبة بالتوسع الصناعي مثل تعليب المنتجات الزراعية وما إلى ذلك، وتبعد هذه المنطقة عن مواقع الكثبان الرملية، لذلك فهي آمنة من هذه الناحية.
يلزم في هذا الموقع دراسة الكثبان الرملية وسرعة حركتها والتمعن فيما يؤثر على هذه الحركة وسرعتها، حيث أن الرمال المتحركة في المنطقة تهدد الزراعة والعمران. ربما كان من الأمثل إنشاء مركز لدراسة حركة الرمال في هذا الموقع لخدمة المنطقة محلياً إضافةً إلى المساعدة العلمية لمناطق أخرى في واحات الصحراء الغربية.

محور أسيوط

خريطة جيولوجية توضح مسار محور أسيوط
يمتد المحور المقترح غرب أسيوط في سهل وادي النيل ثم في مرتفعات شمالي مطار أسيوط ثم في الهضبة المستوية حتى يصل إلى المحور الطولي.
ممر التنمية المقترح يربط واحات الصحراء الغربية في الشمال عبر الواحات البحرية ومنها إلى سيوة وفي الجنوب إلى محافظة الوادي الجديد وفي الجنوب إلى محافظة الوادي الجديد بأكملها، في شبه دائرة كاملة تربط الواحات جميعاً بباقي أنحاء الدولة.
يتميز الثلث الشرقي من المحور بأرض طينية رسبتها أودية عديدة تبدأ من حافة الهضبة التي يحدها فالق يمتد من الشرق إلى الغرب. هذه الأرض معظمها مستوي وصالح للزراعة باستخدام ما بها من مياه جوفية التي طالما تواجدت بسبب قربها من مياه النيل ولهطول الأمطار من آونة لأخرى. إضافة إلى التوسع الزراعي، تؤهل المنطقة التوسع العمراني لمدينة أسيوط التي اكتظت بالسكان إلى آخر الحدود. يعتبر هذا السهل منفذاً للتوسع في المستقبل. يطل من السهل واديان ينطلقا من الهضبة. وربما كان من الأنسب التخطيط لإقامة سدين لحماية المساحة المستوية من السيول إضافة إلى حفظ مياه المطر لتغذية مخازن المياه تحت سطح التربة. مثل هذه السدود الصغيرة غير مكلفة وتساهم كثيراً في إنماء المناطق المشابهة في صحاري العالم. أيضاً، موقع الهضبة جنوب السهل بمحاذاة اتجاه شرق -غرب (نتيجة للفالق في هذا الاتجاه) أي في اتجاه وضع يتعامد مع اتجاه الرياح من الشمال. يدل على أن المنطقة يمكن أن تستخدم في إنتاج الطاقة بالرياح ليس فقط لرفع المياه من تحت سطح الأرض ولكن أيضاً لإنتاج الكهرباء. أما عن الجزء الغربي من المحور فسطحه يتصف بأنه مصقول ومستوي. يمكن التفكير في كيفية الاستفادة منه في إنشاء معسكرات للشباب وأماكن للترفيه. هذا الجزء الغربي يتميز بعدم وجود أي من الكثبان الرملية لذا يمكن الاستفادة منه في إنشاء محطات لتوليد الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية. تلزم الإشارة إلى أن محور أسيوط يتقاطع مع طريق مطار أسيوط وربما كان من الأنسب التخطيط لتوسيع المطار وإضافة عدد من الرحلات منه وإلى مطارات مصر الأخرى لكي يلعب دوراً مناسباً في إنماء المنتجات المحلية وربط أهل منتصف الصعيد بباقي أنحاء الوطن ربطاً مناسباً.

محور قنا

خريطة جيولوجية توضح مسار محور قنا
يبدأ محور قنا من غرب نهر النيل ويستمر في الأراضي المستوية بموازاة ثنية النهر ويستمر في الوادي حتى يصل إلى هضبة الصحراء الغربية غرب بلدة أبوتشت، حيث يعلو مع الهضبة ويستمر غرباً حتى يصل إلى المحور الطولي. في شمال المحور، تتميز الأرض بخصوبتها لأنها نتجت من ترسيب الطمي في أودية عديدة كما أن الأرض لا بد وأن تحتوي على مياه جوفية تجمعت من الأمطار في الأزمنة الماضية زائداً على أنها تتجدد نتيجة للأمطار التي تهطل على المنطقة بين آونة وأخرى، لذا تسمح الأرض هناك بالتوسع الزراعي كما يمكن أيضاً التوسع في الصناعات الخفيفة والإعمار. في جنوب المحور، يمكن التوسع العمراني شاملاً ذلك على القرى الجديدة للإقلال من الضغط على المدن الكبيرة مثل قنا ونجع حمادي والقرى العديدة في داخل وادي النيل. يلزم في صعيد مصر بناء مستشفيات ومعاهد للتدريب الفني والمهني لإعداد نفر من الجيل الصاعد لمتطلبات سوق العمل حالياً وفي المستقبل. كما يلزم أيضاً، دراسة الأودية المنطلقة من هضبة الصحراء الغربية لتحديد مخاطر السيول فيها وبناء السدود للحد من المخاطر المحتملة والتي هي في العموم تساهم في تغذية الآبار بالمياه الجوفية بالمنطقة على طول المحور من حدود الهضبة إلى موقع وادي النيل.

محور الأقصر

خريطة جيولوجية توضح مسار محور الأقصر
يمتد محور الأقصر من المحور الطولي في اتجاه الشمال الشرقي بموازاة حافة الصحراء الغربية. ولا يُقترح هنا مد المحور إلى وادي النيل، كذلك فإن المحور لا يمر في أراضي صالحة للزراعة، ولا يجب أن تكثر هنا الصناعة. الغرض من هذا المحور هو السياحة والسياحة الصحية والإعمار اللازم لدعمهما. لذلك فيجب التخطيط لإرساء هذا المحور إذا ما تم إنشاء مطار دولي على سطح الهضبة، هذا المطار الجديد تحتاجه المنطقة لنرك المطار الحالي للخدمات المحلية. الغرض الأساسي لهذا المحور هو فتح آفاق واسعة لإقامة عدد من المدن السياحية الراقية والفنادق الفاخرة بالقرب من حافة الهضبة. يمكن للمشاهد في هذا الموقع المتميز الحس بنبض الحياة على جانبي النهر الخالد. كما بجد نفسه لا يبعد عن آثار منطقة الأقصر إلا دقائق معدودة حيث تقع الهضبة بالقرب من معبد الأقصر والكرنك شرقي النيل، ووادي الملوك ووادي الملكات والرامسيوم وما إليها في غرب النيل. لا توجد حدود لما يمكن إقامته من مدن سياحية راقية وفنادق عالمية في هذا الموقع الفريد. وعلنا نتعلم من خبرة إمارة دبي في هذا المجال.

محور كوم أمبو-أسوان

خريطة جيولوجية توضح مسار محور كوم امبو-أسوان
ينقسم المحور إلى فرع شمالي إلى كوم أمبو وآخر جنوبي إلى أسوان، يفصلهما جبل البرقة.
يميز كوم أمبو وجودها في مصب وادي واسع تنبع روافده من جبال الصحراء الشرقية الشاهقة. تربة الوادي خصبة كأرض النيل مما سمح بإمتداد الزراعة في أرضها..يجبتكرار الوضع في الأودية المتفرعة من وادي النيل شرقاً مثل وادي الأسيوطي وقنا وغيرها. تتميز الأراضي غرباً من أسوان بالإستواء في سهل واسع يفصل مسار نهر النيل عن هضبة الصحراء الغربية. يمر في منتصف السهل وادي الكبانية الذي كان متصلاً بوادي أبو صبيرة الذي يقع شرق مسار النيل الحالي. وتبين الصور الفضائية مسار وادي الكبانية إضافة إلى دلتاه القديمة وجزء من مسار النيل القديم غرب كوم أمبو. هذه المواقع جميعها تصلح للزراعة يجب تنميتها شرق وشمال جبل البرقة. إضافة إلى ذلك فأن المنطقة كانت تستقبل مياه سطحية في الماضي وكان وادي كبانية يصب فيها وكذلك كان النيل يمر في شرقها. كل هذه دلالات عديدة أن المنطقة تكثر بها المياه الجوفية. وهذا يعني أن معظم نشاط استصلاح الأراضي في غرب النيل يمكن أن يتم باستخدام المياه الجوفية، يضاف إلى ذلك أن المنطقة تتخللها فوالق (مثل الفالق الذي أثر على مسار نهر النيل بإنحناء في اتجاه الغرب والذي يؤثر على شكل حافة الهضبة غرباً). هذه الفوالق يمكن أن تنقل المياه حالياً من مسار النيل إضافة إلى مياه الأمطار التي تهطل بين حين وآخر. توضح المعلومات الرادارية تواجد شريط مرتفع قليلاً بموازاة مسار النيل مقابل الأرض الزراعية في وادي كوم أمبو. يساهم هذا الشريط كثيراً في إنشاء عدة مدن أو قرى على أرض مرتفعة قليلاً تمتد لمسافة 50 كيلومتر. هذا الواقع الجغرافي يؤهل التنمية العمرانية على طول المسافة المزمع تنميتها زراعياً، وهذا يقلل الضغط على الأراضي الزراعية في شرق النيل. يمر مسار الفرع الجنوبي من جنوب غرب جبل البرقة في إتجاه الجنوب الشرقي إلى المنطقة غرب بلدة أسوان. تسمح المنطقة أيضاً بإقامة منتجعات سياحية شتوية لأن الأراضي مستوية وبعيدة عن أماكن التكدس السكاني. يمكن في هذه المواقع اقتباس كل ما أمكن من الفن المعماري النوبي الذي نتج عن خبرة طويلة في المناخ الحار الجاف منذ قرون. هذا ويلزم أن يؤخذ توسيع وتطوير مطار أسوان في الحسبان لأنه يمكن أن يصبح مطاراً دولياً متميزاً يخدم حركة الطيران من أوروبا إلى الشرق الأقصى زائداً على خدمة السياحة المحلية وكذلك نقل الصادرات من جنوب مصر إلى شمالها. أما عن باقي الممر بعد نقطة تلاقي فرع كوم أمبو وفرع أسوان غرب جبل البرقة وحتى مسار المحور الطولي فوق هضبة الصحراء الغربية فيمكن تركه دون إنشاءات في الوقت الحالي. مثله مثل أماكن أخرى بالقرب من مسار المحور الطولي يمكن تركه ليتسنى للأجيال القادمة أم تخلق فيه مجالات جديدة للإنماء اللاقتصادي.

محور توشكى

خريطة جيولوجية توضح مسار محور توشكى
أحد أهم فوائد ممر التنمية الهامة أنه يؤهل الانتفاع الكامل بمشروع توشكى. بداية يجدر الذكر أن مشروع توشكى قد لاقى هجوماً شديداً وإلى يومنا هذا يصفه البعض بأنه "مُخطط فاشل" وحتى "إهدار للمال العام" بالرغم من أن سببه العلمي أنه كان في صورته الأولى لنقل المياه من بحيرة ناصر في ترعة عرضها 200 متر إلى واحة الفرافرة بطول 850 كم.
اتفق الخبراء أن هذا لا يصلح للأسباب التالية:
  1. نقل المياه في قناة مفتوحة بطول 850 كم في بيئة تعلو درجة حرارتها عن 50 درجة معظم أيام السنة يعرضها للبخر بكميات هائلة
  2. يتعرض مسار القناة من بحيرة ناصر وحتى منخفض الخارجة في إتجاه الغربإلى الغمر بالرمال حيث أنه يتقاطع مع أكثر من 40 خطاً من خطوط الكثبان الرملية الدائمة الحركة من الشمال إلى الجنوب بمعدل يتراوح بين 20- 100 متر في السنة تبعا لحجمها.
  3. إيصال كمية كبيرة من المياه إلى الواحات الخارجة والداخلة والفرافرة يزيد مشاكل الصرف فيها جميعاً. تصريف مياه الري في الوادي يُسهل لميل الأرض من الجنوب إلى الشمال، أما في الواحات التي توجد في منخفضات طبوغرافية فتبقى المياه في داخلها تتجمع في مواقع منخفضة حيث تتبخر وتزيد من ملوحة الأراضي.
أخيراً، هدف مشروع توشكى أن يؤهل حياة كريمة لأبنائنا واستصلاح وزراعة ما يقارب من نصف مليون فدان. ولذلك فإن ممر التنمية يخطط لمروره في منطقة توشكى للأسباب التالية:
  1. ربط منطقة توشكى بباقي أجزاء الوطن لتأهيل نقل الناس منها إلى الأراضي الجديدة وكذلك نقل منتجات المشروع إلى مراكز التكدس السكاني في الشمال.
  2. الحاجة إلى مياه عذبة بطول الممر حيث يتم ضخها من قناة توشكى أو أحد بحيراتها. تلزم الحاجة للمياه على طول المحور الطولي لاستخدام الإنسان وفي المواقع السياحية مثل تلك المقترحة على الهضبة التي تعلو منطقة الأقصر. تلزم إعادة القول بأن الماء بالأنبوب المقترح لا يجب استخدامه في الزراعة ولكنه للإنسان.

محور أبو سمبل – بحيرة ناصر

خريطة جيولوجية توضح مسار محور أبوسمبل - بحيرة أسوان
ينتهي ممر التنمية جنوباً على حدود السودان مقابل وادي حلفا. مد الممر من محور أبو سنبل – بحيرة ناصر إلى الحدود بطول 55 كم يؤهل إحتمال إمداد الممر في صورة لائقة جنوباً حتى الخرطوم ومنها إلى باقي أفريقيا إذا لزم الأمر.
وإلى حين أن تكتمل هذه المسيرة مستقبلاً وصول الممر إلى نقطة مقابلة لوادي حلفا يؤهل نقل الناس والمنتجات والبضائع من الضفة الغربية للبحيرة إلى بلدة وادي حلفا وبالعكس. وادي حلفا تصلها سكة حديدية تربط بينها وبين كل من الخرطزم في الجنوب وبور سودان على ساحل البحر الأحمر. إذاً فإن هذا الإمتداد يؤهل التبادل التجاري اللائق بين قطرين شقيقين يلزم التعاون الدائم بينهم لخير أهلهما.
أما عن منطقة توشكى ذاتها فمن الناحية الجيولوجية قد تعرفنا حديثاً أن المنخفض كانت تصب فيه أودية عديدة تنبع في المرتفعات إلى الغرب والجنوب الغربي أثناء عصور ممطرة في الماضي. هذا يعني أن المنطقة تذخر بالتربة الصالحة للزراعة إضافة إلى تواجد بعض المياه الجوفية.

المزايا والمنافع المنتظرة للمشروع

  • الحد من التعدي على الأراضي الزراعية داخل وادي النيل من قِبل القطاع الخاص والحكومي معاً.
  • فتح مجالات جديدة للعمران بالقرب من أماكن التكدس السكان
  • إعداد عدة مناطق لاستصلاح الأراضي غرب الدلتا ووادي النيل
  • توفير مئات الآلاف من فرص العمل في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والإعمار
  • تنمية مواقع جديدة للسياحة والاستجمام في الصحراء الغربية بالشريط المتاخم للنيل
  • الإقلال من الزحام في وسائل النقل وتوسيع شبكة الطرق الحالية
  • تأهيل حياة هادئة ومريحة في بيئة نظيفة تسمح للبعض للإبداع في العمل
  • ربط منطقة توشكى وشرق العوينات وواحات الوادي الجديد بباقي مناطق الدولة خلال وسيلة سريعة وآمنة
  • خلق فرص جديدة لصغار المستثمرين للكسب من المشاريع في ميادين مختلفة
  • مشاركة شريحة واسعة من الشعب في مشاريع التنمية مما ينمي الشعور بالولاء والإنتماء
  • فتح آفاق جديدة للعمل والتمتع بثمار الإنجاز في مشروع وطني من الطراز الأول
  • خلق الأمل لدى شباب مصر وذلك لتأمين مستقبل أفضل.

ملخص منافع المحاور العرضية

الرقمالاسمالطول (كيلومتر)الغرض الأولالغرض الثانيالغرض الثالثمميزات عامة إضافية
1الإسكندرية105إزالة الألغام والإعمارالسياحةالنقلتأهيل الطريق الدولي الساحلي
2طنطا146الإعمارالصناعات الخفيفةالزراعةإقلال الضغط على الدلتا
3القاهرة83الإعمارالصناعات الخفيفةالزراعةإقلال الإزدحام في القاهرة
4الفيوم119الصناعات الثقيلةالإعمارالسياحةاستخدام طبوغرافية المنخفض
5البحرية156الصناعات الخفيفةالسياحةالنقلربط الوادي بالواحات الشمالية
6المنيا41الإعمارالصناعات الخفيفةتثبيت الرمالإقلال الإزدحام في المنيا
7أسيوط46الإعمارالصناعات الخفيفةالنقلربط الوادي بالواحات الجنوبية
8قنا161الإعمارالزراعةالصناعات الخفيفةاستخدام طبوغرافية الهضبة
9الأقصر90السياحةالنقاهةالصناعات الخفيفةإعلاء محاسن الصحراء
10كوم أمبو-أسوان91، 58الزراعةالإعمارالنقلتأهيل استخدام وادي شاسع
11توشكى66الزراعةالنقلالإعمارربط المنطقة بباقي الوطن
12أبوسنبل-بحيرة ناصر34،16السياحةصيد الأسماكالنقلدعم تنمية بحيرة ناصر

وادي حلفايمتد المحور الطولي بعد محور أبو سنبل لمسافة 55 كيلومتراً لربط ممر التنمية بشمال السودان

ملخص قياسات المحاور العرضية

اسم الممر من الشمال للجنوبالإسكندريةطنطاالقاهرةالفيومالبحريةالمنياأسيوطقناالأقصركوم أمبو -أسوانتوشكىأبو سنبل بحيرة ناصر
طول الممر الكلي (ك.م) طول الفرع من الممر (ك.م)
1051468311915641461619091-586634-16
طول الممر إلى الهضبة أو الدلتا (كيلومتر)899669191561829669016لا يوجدلا يوجد
طول الممر داخل الوادي أو الدلتا (كيلومتر)165014100لا يوجد231745لا يوجد75، 75لا يوجدلا يوجد
أعلى منسوب على الهضبة (متر)32150160290250150225360500475215315
أقل منسوب على الهضبة62085240150125180300420460175235
الفرق بين حافة الهضبة والوادي (متر)3284524035100100180230255لايوجدلا يوجد
منسوب الأراضي الزراعية (متر)لا يوجد102022110405080لا يوجد100لا يوجدلا يوجد

نقد المشروع والآراء المضادة

لا نحتاج إلى طريق إضافي

يصف الدكتور الجيولوجي رشدي سعيد المشروع بأنه مخصص لزراعة أراضي الصحراء الغربية باستخدام المياه الجوفية لا أكثر ولا أقل. وهذا غير حقيقي على الإطلاق لأن معظم الصحراء الغربية هي في منخفضات تبعد كثيراً عن مسار الممر (إلا في منخفض توشكى في الجنوب) واستخدام المياه الجوفية في الزراعة يصح شمالاً في غرب الدلتا بموازاة ما حصل على جانبي طريق مصر الاسكندرية الصحراوي.[2]

مشاريع الممرات السابقة فاشلة

هذا الرأي يذكره بعض من عمل في البنك الدولي، لذلك يُستدعي الأخذ في الاعتبار.
لمن يسأل عن هذه المشاريع الفاشلة أنها كانت مخططة لغرض أساسي واحد. يعطي المثل بفشل مشروع بنما في أمريكا الوسطى أو فرنسا التي تعثرت في حفر قناة لقرابة عشرين عاماً حتى تقدمت أمريكا لإكمالها بتصميمات مختلفة. لمن ينظر لهذين المشروعين ويضعهما جنباً إلى جنب يدرك تماماً أن الفرق شاسع ومهول. حيث كان الغرض من مشروع بنما هو النقل البحري فقط وذلك لنقل المعدات العسكرية والتجارية من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ بسهولة. ويتم تنفيذ المشروع من خلال دولة أجنبية أي بدولة هي لا تمتلك أرضه. أما المشروع الحالي فهو لإنماء بلد عاش لأكثر من 5000 عام على محور طولي واحد يوازيه الممر المقترح أي أنه يتجانس معه طبيعياً وطبوغرافياً ويوصلهما 12 محور عرضي لخدمة أغراض التنمية العمرانية والصناعية والتجارية ويؤهل النقل الآمن السريع للناس والمنتجات. إذا شتان بين ممر بنما وممر التنمية فلا يتشابها في أي شيء. وهذا أيضاً لا يجعلنا نتجاهل تاريخ مقترحات الممرات فيلزم دراستها والتعرف على ما نجح منها وما فشل.

لن يزداد عدد السكان في المستقبل

كثافة السكان وعدد السكان الحالي يستدعي إنشاء الممر. فلابد من أن نخطط لإضافة 20 مليون نسمة في العقدين من الزمان القادمين حيث تقول الإحصائيات الحكومية الرسمية أن عدد العائلات في مصر إزداد من 12 مليون أسرة إلى 17 مليون أسرة في العقد الأخير (1996إلى 2000) أي مليون أسرة كل عامين.[3]

ممر(التنمية والتعمير).. رؤية نقدية

د. عنتر عبد العال أبو قرين، أستاذ مساعد التخطيط العمراني والإقليمي، كلية الهندسة، جامعة المنيا
مقال منشور في جريدة الشروق: الخميس 14 أبريل 2011 http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=14042011&id=7e382c77-fc0e-4cb7-9ca4-7298414b0f6f
يدور الحديث منذ فترة غير قصيرة عن ممر «التنمية والتعمير» الجديد في الصحراء الغربية الذي اقترحه العالم الجيولوجى المصري الكبير د. فاروق الباز، إلا أن هذا الحديث قد اكتسب زخما وتسارع بشكل كبير أثناء وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. وما أثار رعبى أنه قد بدأ الحديث مؤخرا عن طرح هذا المشروع العملاق في البورصة المصرية. بداية، أرجو ألا أفهم على أننى أقوم بدور المثير لليأس أو الفزع أو الساعى إلى الظهور أو الباحث عن دور من خلال التطاول على الكبار، فهم كبار رغم أنوفنا. أما عن دواعى الفزع الذي انتابنى فترجع إلى يقينى التام بعدم جدوى هذا المشروع وخطورته للأسباب التالية:
السبب الأول: أن هذا الطرح تغلب عليه العاطفة الوطنية أكثر من الواقعية والتوازن بين التكلفة والعائد، وهما مبدآن مهمان يلزم التقيد بهما عند التخطيط للتنمية في دول العالم النامى ذات القدرات المالية المحدودة، وخصوصا في مثل هذا المشروع العملاق ذى التكلفة الباهظة التي أجزم أن دولا كبرى كالولايات المتحدة ستتردد كثيرا في تحملها. وفى ضوء كون الدافع الرئيسى لمثل هذه المشاريع عادة ما يكون سياسيا أكثر منه اقتصاديا أو تنمويا، فقد فشلت غالبية هذه المشاريع في دول العالم النامى، وفى منطقتنا العربية على وجه الخصوص. فطبقا لبيانات وتقارير البنك الدولي فإن أكثر من 80 % من مشروعات «ممرات التعمير» حول العالم قد فشلت اقتصاديا وبيئيا، وهو ما دفع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى وقف تمويل مثل هذه المشروعات. وأقرب هذه الأمثلة هي محاولة المملكة العربية السعودية في سبعينيات القرن الماضى توفير الاكتفاء الذاتى من القمح، والذي يبدو هدفا وطنيا لا يمكن الاختلاف عليه، إلا أن ارتفاع تكلفة الإنتاج، والتي تجاوزت عدة أضعاف السعر العالمي، جعل المملكة العربية السعودية، رغم قدرتها الاقتصادية الهائلة، تتراجع عن هذا المشروع رغم ما تم ضخه فيه من استثمارات هائلة. كما أن التكلفة البيئية لهذا المشروع، متمثلة في الاستهلاك الكثيف للمياه الجوفية، كانت أكبر من أن تحتمل. وهو ما يجعلنى أرى أن تراجع المملكة العربية السعودية عن هذا المشروع كان تصرفا عقلانيا مسئولا. أما المثال الصارخ الثاني فهو مشروع «النهر العظيم» في ليبيا، والذي لا أعتقد أن هناك من مخططى التنمية من يعتقد بعقلانية الدخول فيه وتحمل كلفته الاقتصادية والبيئية الهائلة. هذان المثالان في جارتينا الشرقية والغربية، رغم إمكانيتهما الاقتصادية الكبيرة، يستوجبان منا عدم الدخول في مثل هذه المشاريع، خصوصا أن تمويلها سيتم بالدين، سواء الخارجى أو الداخلى، أو من خلال بيعه قبل إنشائه.
السبب الثاني: أن مراجعة ما نشر حول هذا المشروع من تقارير وتصريحات تشير إلى أن هناك قدرا كبيرا من الضبابية وعدم وضوح الرؤية حول طبيعة وأهداف هذا المشروع باهظ الكلفة. فما نشر عن طبيعة هذا المشروع وما يتضمنه من طرق سريعة وسكك حديدية فائقة السرعة تخترق صحراء مصر الغربية من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، وما على جانبيها من مسطحات زراعية ومدن، يجعلنا أمام نموذج من أحلام اليقظة أو الخيال العلمى. أعرف أن البعض قد يعترض على هذا الرأى ولكن تمحيص ما ذكر من أهداف لهذا المشروع قد يبدد هذا الاعتراض. فقد جاء في مقال منشور في موقع «أخبار مصر» بتاريخ 24 /02 /2011«إن مشروع «ممر التنمية» سيغير وجه مصر ويفتح آفاقا جديدة للنمو العمرانى والزراعى والصناعي بالقرب من التجمعات السكنية وإنشاء 200 مدينة جديدة ونصف مليون قرية على جانبى ممر التنمية» ويتأكد أن هذه الأهداف نوع من أحلام اليقظة إذا ما علمنا أن كل ما أقامته مصر من مدن وقرى، على ضفاف النيل وفى دلتاه لا في قلب الصحراء، وعبر آلاف السنين لم يصل إلى هذا العدد. كما أن تنمية كل هذا العدد من المدن والقرى وما تتطلبه من قاعدة اقتصادية زراعية وصناعية سيتم اعتمادا على المياه الجوفية. ولا يخفى على القائمين بعمليات التنمية في المناطق الصحراوية ارتفاع كلفة استخراج المياه الجوفية، خصوصا كلما زاد عمر المشروع وكلما زاد عمق منسوب المياه الجوفبة. كما أن السحب الكثيف من المياه الجوفية التي يتطلبها هذا المشروع سوف يجعل المشروع برمته مشكوكا في جدواه الاقتصادية وفى استمراريته سواء من حيث توافر المياه الجوفية أو تكلفة استخراجها.
السبب الثالث: يتعلق بأولويات التنمية، وهل هذا المشروع يمثل أولوية متقدمة لمصر في ظل ظروفها الاجتماعية والاقتصادية الراهنة؟. ومما لا شك فيه أن مصر الآن في حاجة إلى مشاريع ذات عائد اقتصادى واجتماعى سريع وذات مستوى مخاطرة منخفض، وهو حتما ما لا يوفره هذا المشروع. إذ إن ما ذكر في النقطتين السابقتين يؤكد ارتفاع مستوى المخاطرة فيه، كما أن عائده، بافتراض جدواه الاقتصادية، سيكون على المدى البعيد، وهو ما لا يستطيع تحمله إلا الاقتصادات ذات القدرة الذاتية على التمويل. أما تمويل هذه المشاريع بالدين فيجعل من توقع هذا العائد أمرا مشكوكا فيه، أو محدودا جدا في أفضل التوقعات. لذا، تمثل المشاريع الصناعية والخدمية متوسطة الحجم غير كثيفة رأس المال، والتي يستطيع القطاع الخاص المحلى تمويلها، أولوية متقدمة. كما أن التوسع الزراعى على هوامش الصحراء في وادى النيل والدلتا، خصوصا على الطريق الصحراوى الغربي وبموازاة نهر النيل، يعتبر أولوية متقدمة في مجال التنمية الزراعية في مثل هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها مصر. كما أن ذلك يتماشى مع مبدأ التدرج في عمليات التنمية والاستثمار الذي يتناسب مع قدرات مصر الاقتصادية وظروفها في تلك المرحلة بالغة الحساسية. كما أن ذلك التدرج يُمَكن الدولة من القيام بعمليات التقويم والمراجعة والتعديل طوال فترة التنفيذ.
وإذا ما أخذنا كل هذه الأسباب في الاعتبار، وبمقارنتها بالتكلفة التقديرية المتوقعة لهذا المشروع والبالغة 243 مليار جنيه (أخبار مصر ــ 15 يناير 2009)، والتي نتوقع أن تكون أضعاف هذا الرقم بعد أن نغرق بالبدء فيه، أعتقد أن الفزع الذي أصابنى بعد الحديث عن طرح هذا المشروع في البورصة المصرية يبدو مبررا. إن مصر اليوم وفى ظروفها الراهنة لا تستطيع تحمل العواقب الاقتصادية والاجتماعية لمغامرات بهذا الحجم. إننا في هذه الفترة في حاجة ماسة إلى العقلانية والرشد عند توجيه تلك الاستثمارات المحدودة. الأمر الذي يستوجب أن نضع «البعد عن المخاطرة» كمعيار أساسي يسبق العائد المتوقع، مهما كان عاليا، عند المفاضلة بين هذه المشاريع. كما أن ذلك يستلزم ألا ننساق وراء أحلام وطموحات تفتقر إلى الواقعية ولا تحقق الموازنة بين التكلفة والعائد. وإذا كنا قد اقتنعنا خلال العقود الماضية بأهمية «ترشيد الإنفاق»، فإن «ترشيد الاستثمار» يصبح اليوم أكثر أهمية، خصوصا عندما يكون من المتوقع أن يتحول هذا الاستثمار إلى إنفاق، أو إهدار، غير مبرر.

ممر التنمية والتعمير وأولويات التنمية

د. مصطفى السعيد،، وزير الاقتصاد الأسبق
مقال منشور بجريدةالشروق؛ الخميس 5 مايو 2011. http://shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=05052011&id=90e4f277-9cc3-443a-9557-c5d502c4c8f5
قرأت مقال الدكتور عنتر عبد العال أبو قرين، الاستاذ المساعد للتخطيط العمراني والإقليمي بكلية الهندسة - جامعة المنيا، في جريدتكم الغراء عدد الخميس 14-4-2011 حول رؤيته النقدية لمشروع ممر التنمية والتعمير، ومع تقديري للجهد الذي بذله العالم الكبير د. فاروق الباز لإعداد الدراسات الأوليه والترويج لهذا المشروع، فإنني أتفق مع الدكتور عنتر عبد العال على أن هذا المشروع ليست له الأولوية في التنفيذ في هذه المرحله من مراحل تطور الاقتصاد المصري، ولسنين مقبله.
لقد ركز د. عنتر على ثلاثة أسباب رئيسية دعته إلى التيقن بعدم جدوى هذا المشروع وهى:
1 ــ إن إعادة طرح هذا المشروع في الوقت الحالى تغلب عليه العاطفة الوطنية أكثر من الواقعية، ويتم طرحه دون التأكد من جدواه وفقا لدراسات موضوعية ومستفيضة عن تكلفته وعائده. لقد انبهر الكثير من زعماء الدول النامية بإقامة مثل هذه المشروعات العملاقة والضخمة، دون التأكد من جدواها الاقتصادية، مما أدى إلى فشلها في النهاية، ومن أمثلة ذلك في منطقتنا العربية مشروع التوسع في زراعة القمح في المملكة العربية السعودية دون التأكد من كفاية المياه الجوفية، ومشروع النهر العظيم في ليبيا.
2 ــ وجود قدر كبير من عدم وضوح الرؤية حول طبيعة وأهداف هذا المشروع باهظ التكاليف. إن المشروع يتحدث عن إنشاء 200 مدينة ونصف مليون قرية على جانبى ممر التنمية، يتم اعتمادا على المياه الجوفية، وهى مصدر غير غير محدد حجمه وقابل للنضوب.
3 ــ إن المشروع لا يمثل أولوية متقدمة لمصر في ظل ظروفها الاجتماعية والاقتصادية الراهنة. فهى تحتاج الآن إلى مشاريع ذات عائد اقتصادى واجتماعى سريع، وذات مستوى مخاطرة منخفض، وهو ما لا يتوافر في هذا المشروع.
ومع تقديرى لما ذكره د. عنتر من أسباب. والتي اتفق معها تماما، فإن السبب الثالث المتعلق بأولويات التنمية، وهو أهمها، يحتاج إلى المزيد من الشرح. إن أولويات التنمية في مصر خلال الخمس سنوات أو ربما العشر سنوات المقبلة، لابد وأن تكون رفع كفاءة ما نتمتع به مصر من قوة بشرية، وهذا لن يتحقق إلا إذا نجحنا في رفع كفاءة نظامنا التعليمى وحل مشكلة البطالة. أن المتنبع للأدبيات الحديثة حول قضية التنمية الاقتصادية، يجد أن هناك اتفاقا على أن التنمية هي الإنسان، وأن الأولوية يجب أن تكون للحصول على أعلى عائد من هذا العنصر، عن طريق رفع مستوى تعليمه وعن طريق ضرورة اتاحة فرص العمل له. وهناك ارتباط قوى بين هذين الأمرين. فلا يتصور أن نستثمر المزيد من الموارد لرفع مستوى كفاءة النظام التعليمى، ثم نهدر عائد هذا الاستثمار بعدم توفير فرص العمل لناتج هذا النظام، ونترك خريجيه ليعانوا من قسوة البطالة، وما يترتب على هذه البطالة من آثار سلبية عديدة وخطيرة، ليس من الناحية الاقتصادية وحسب، ولكن أيضا من الناحيتين السياسية والاجتماعية.
إن الرقم المعلن لنسبة البطالة في مصر هو في حدود 9٪ إلى 10٪ تقريبا من قوة العمل، وهى نسبة ليست بالقليلة، وقد تزيد عن ذلك في الواقع إذا ما تم الأخذ بتعريف أكثر دقة وواقعية لظاهرة البطالة. ونظرا للتزايد المستمر في عدد السكان في وقت لا يتوافر فيه فائض كبير من الموارد الطبيعية في مصر، كما هو الحال مثلا في الدولة النفطية أو تلك التي وهبتها الطبيعة وفرة من المياه، فإن التركيز على التصنيع إذا ما اقترن مع الاهتمام برفع كفاءة النظام التعليمى يصبحان المدخل الرئيسى والفعال لحل مشكلة البطالة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
فالتصنيع إذ ما أحسن التخطيط له ليكون كثيف العمل وليحقق أعلى فائض ممكن، فإن عائده يمكن أن يدعم ما يحتاجه التعليم من موارد ضرورية، وكلا التصنيع والتعليم يمثلان المصدر الأساسي لايجاد المزيد من فرص العمل ورفع كفاءة العامل. والآن في مصر حيث مصادر التمويل محدودة، ومظهر ذلك ما يوجد من عجز كبير في الموازنة العامة وزيادة في الدين العام وتدنى مستوى الادخار القومى، وإلى أن يتم علاج هذه المظاهر، وإلى أن تتدفق الاستثمارات الأجنبية والعربية بمعدلات كافية، فإن القدرة على تمويل مثل هذه المشروعات العملاقة طويلة الأجل، وتوفير احتياجات التعليم والتصنيع الملحة وغيرهما الكثير من الاحتياجات، في نفس الوقت، هو أمل يستحيل تحقيقه.. ولابد من الاختيار.. وبدون الدخول في الكثير من التفاصيل فإن جميع الحقائق الاقتصادية تؤكد أن الاختيار للخمس وربما للعشر سنوات المقبلة لابد وأن يكون لصالح التصنيع والتعليم وغيرهما من الاحتياجات الضرورية كالبنية الأساسية والطاقة.. إلخ حيث إن المخاطر أقل والعائد الاقتصادى والاجتماعى أسرع.
ومما يدعم الرأى القائل بأن ممر التنمية والتعمير لا يجوز أن تكون له أولوية التنفيذ في المرحلة الحالية، ما نعلمه جيدا من وجود أكثر من مشروع عملاق مطروح للتنفيذ منذ أكثر من عشر سنوات ولم يتم البدء فيها بعد، وإذا كان قد بدء في تنفيذ بعضها فإنها قد تعثرت ولم تستكمل بعد، وفى مقدمة هذه المشروعات توشكى، شرق التفريعة، وشرق العوينات، وخليج السويس، وربط مدن الصعيد بشواطئ البحر الأحمر، وتعمير سيناء.. إلخ.
والسؤال المطروح إذ ما فرض وتوافر التمويل بما يتجاوز احتياجات التعليم والتصنيع وغيرهما من الاحتياجات الحالية، وهو فرض نظرى بحت، فهل من الأفضل أن نتوجه لاستكمال المشروعات العملاقة، التي بدء في تنفيذها مثل توشكى وتعمير سيناء وغيرهما من المشروعات السابق ذكرها، والتي أنفق عليها حتى الآن المليارات من الجنيهات دون أن يتحقق العائد المأمول منها لتعثرها وهدم استكمالها، أم تضيف إليها مشروعا عملاقا آخر مثل مشروع ممر التنمية والتعمير، ليستنفذ جزءا من مدخرات هذا المجتمع وما يتاح له من موارد استثمارية خارجية ثم يضاف إلى جملة المشروعات العملاقة المتعثرة؟ إن الاجابة عن هذا السؤال لا تحتاج إلى جهد كبير.. فليرجأ الحديث حول تنفيذ هذا المشروع حاليا وليبق في وعينا حتى تتأكد جدواه، وأيضا أولويته.
قد يدعى البعض أن طرح مشروع ممر التنمية والتعمير وإبراز مزاياه، إذا تم، سيجذب استثمارات ما كان من الممكن أن تجذب بدون طرحه. هذا مرة أخرى فرض نظرى بحت، فالتمويل الأجنبى إذا ما توافر فرضا لمثل هذا المشروع، فإنه سيكون في صورة قروض وليس مساهمات، مما يرهق الاقتصاد في حالة التعثر أو التأخير، أما عن مساهمات المصريين فإن توجهت لهذا المشروع تحت تأثير العاطفة الوطنية والاعتبارات السياسية، فإنها ستحرم قطاعات أخرى مهمة مثل التعليم والتنصيع من هذه المساهمات، وما يترتب على ذلك من آثار اقتصادية واجتماعية شديدة الخطورة نتيجة عدم جنى ثمار تطوير هذه القطاعات للاسراع في حل مشكلة البطالة.
وأخيرا، فإن الحديث عن هذه المشروعات العملاقة ذات البعد العاطفى لا يجوز أن ينسينا بديهيات علم الاقتصاد. فالاقتصاد هو علم الاختيار.. وهذا يعنى ببساطة أن الحاجات دائما تفوق ما يوجد من موارد.. ومن ثم يتعين الاختيار بين هذه الحاجات وفقا لأولويات تحقق أعظم عائد من الموارد المتاحة، فلا يجوز النظر إلى مشروع محدد معزول عن مشروعات أخرى ممكنة، بل لابد من المقارنة بينها وفقا لدراسات موضوعية للتكلفة والعائد.. قد يكون لمشروع ممر التنمية والتعمير إغراءاته وثماره المتعددة على الأجل الطويل، ولكن لا يأتي في الوقت الحالى في مقدمة سلم أولويات التنمية في هذه المرحلة المهمة من مراحل تطور مصر الاقتصادى والسياسى والاجتماعى.. وأمد الله في عمر العالم الكبير فاروق الباز لتحقيق حلمه الذي أشاركه فيه عندما نصل إلى المرحلة التي يحتل فيها هذا المشروع الأولوية بين مشروعات أخرى منافسة.

"ممر التنمية والتعمير"...... استفسارات تنتظر التوضيح من د. الباز

د. عنتر عبد العال أبو قرين، أستاذ مساعد التخطيط العمراني والإقليمي، كلية الهندسة، جامعة المنيا
البحث نُشِرَ بصورة مختصرة للغاية بجريدة "الأهرام العربي" بتاريخ 9 يوليو 2011، السنة 15 – العدد 746
تصاعد النقد مؤخراً لمشروع ممر التنمية والتعمير، خاصة بعد مؤتمر هيئة المساحة الجيولوجية الأخير والذي شهده جَمْع غفير من المختصين والمهتمين بتنمية الصحراء. هذا النقد المتصاعد دفع أكاديمية البحث العلمي إلى اصدار بيان رسمي للرد على معارضي المشروع. تضمن البيان عشر نقاط توضيحية في محاولة لتحقيق توافق للآراء حول هذا المشروع. إلا أن هذه التوضيحات جاءت لتخاطب العامة ولم تقدم توضيحات أو ردود دقيقة لما لدى المتخصصين من استفسارات منطقية ومخاوف حقيقية. وأخيرا ظهر مقال للدكتور فاروق الباز بعنوان "ممر التنمية‏..‏ ما لم يدركه المعارضون" بجريدة الأهرام بتاريخ 26 يونيو 2011. تضمن المقال عشر نقاط أيضا، حاول من خلالها توضيح، ما اعتقد سيادته، أن المعارضين يجهلونه. إلا أن هذه الإيضاحات كانت من قبيل ما هو معلوم عن المشروع بالضرورة لأغلب المتخصصون.
إلا أنه قبل الخوض فيما لدينا من استفسارات ومخاوف، وعلى الرغم من اعتراضي الشديد على هذا المشروع بصورته الحالية، أود أن أشير إلى أن هناك ثلاث نقاط أساسية نتفق فيها مع د. الباز في هذا المشروع. الأولي، أن التوسع خارج المساحة الضيقة المأهولة في وادي النيل ودلتاه أمر حيوي واستراتيجي لمصر. كما أن توجيه أعمال التوسع الزراعي والعمراني في وادي النيل ناحية الغرب يعتبر أمراً عقلانيا رشيدا حيث أن جميع التجمعات الحضرية والريفية في وادي النيل، والمولدة للزيادة السكانية، تقع جميعها غرب النيل. ذلك إضافة إلى ندرة الأراضي الصالحة الزراعة أسفل الهضبة الشرقية للنيل، أما فوق الهضبة فتندر المياه الجوفية. النقطة الثانية، وهي اتفاق البحث مع سيادته على أن يكون مسار المحور الطولي لممر التنمية فوق الهضبة الغربية وليس تحتها داخل الصحراء الغربية فيرجع ذلك لعدة أسباب. أول هذه الأسباب أن هناك العديد من الدراسات التي أثبتت أن المياه الجوفية في واحات الصحراء الغربية غير متجددة ولا تكفي لدعم عمليات تنمية كبرى. كما أن الواقع يؤكد ذلك، إذ أن العديد من الآبار التي حفرت بأعماق كبيرة في نهاية الخمسينات من القرن الماضي، والتي كانت تتدفق منها المياه ذاتيا عند حفرها، قد جفت تماما منذ أكثر من عشر سنوات. وبالنسبة للنقطة الثالثة، وهى اتفاق البحث مع سيادته بأن تكون عمليات التنمية العمرانية والزراعية قريبة من النيل، فيرجع ذلك لسببين: الأول، وقد أشار إليه سيادته، وهو أن المصريين مرتبطين بنهر النيل. إلا أنني أضيف هنا أن جعل مناطق التنمية الجديدة قريبة من المناطق الزراعية القائمة يعتبر أمرا استراتيجيا ضروريا إذ أنه سيقلل بشكل كبير من مخاطر احتمال نقص أو نضوب المياه الجوفية، وذلك من خلال إمكانية استفادة تلك المناطق الجديدة من كميات المياه التي يمكن توفيرها من خلال تغيير نظم الري في الأراضي القديمة، وهو ما ستلجأ إليه مصر حتماً خلال السنوات القليلة القادمة.
إلا أنه على الرغم من نقاط الاتفاق تلك، وعلى الرغم من التوضيحات التي أتي بها البيان الصادر عن الأكاديمية ومقال أ. د. الباز،، إلا أنه لا يزال لديَّ عددا من الاستفسارات، التي أعتقد أنها منطقية، أُجْمِلُها في النقاط التالية:

هل وضع كل هذه الاستثمارات في مشروع واحد تكتنفه الكثير من الشكوك، يبدو أمراً رشيدا؟؟؟؟.

مما لاشك فيه أن التكلفة الضخمة لهذا المشروع تزيد من احتمال فشله. وتتزايد هذه المخاوف عندما نعلم أن تكلفة البنية الأساسية فقط لهذا المشروع تعادل ثلاثين مرة تكلفة مشروع توشكى. ذلك على الرغم من قناعتنا أن مشروع توشكى يعتبر أكثر واقعية من هذا المشروع بالصورة التي هو عليها الآن. من ناحية ثانية؛ يخشى أن يتحول المشروع إلى مستنزف للاستثمارات العامة والخاصة، وبما يجعل ميزانية الدولة واستثمارات القطاع الخاص رهينة بهذا المشروع لعقود عدة قادمة. الأمر الذي حتما سيكون له تأثير سلبي كبير على قطاعات التنمية الأخرى. وفي هذا الصدد، يرى أ.د. مصطفى السعيد، وزير الاقتصاد الأسبق، وأ.د. سامي عامر، الخبير العمراني العالمي والعميد السابق لكلية التخطيط العمراني، أن هناك العديد من المشروعات التي يجب استكمالها على وجه السرعة ودون تأخير، وهو ما يُرَيا باستحالة تحقيقه في حال دخول مصر في هذا المشروع عالي التكلفة.

هل الطريقة المقترحة لتمويل هذا المشروع تجعل منه مشروعا مصرياً؟؟؟؟

على الرغم من تصريحات د. الباز بأنه يقترح إصدار أسهم "بجنيه واحد" حتى يتمكن كل المصريون من المشاركة فيه، إلا أن المشكلة لا تتمثل في عدد المشاركين فيه بل في نسبة ما يمكن أن يشارك به جميع المصريون في هذا المشروع لكي يكون مشروعاً مصرياً. وهو ما يبدو أمرا مستحيلاً إذا ما علمنا أن كل ما يمكن أن يساهم المصريون به في هذا المشروع، وطبقا لتقديرات د. الباز نفسه، لن يتجاوز 1-2 مليار دولار. الأمر الذي يعني أن مشاركة المصريين لن تتجاوز 4-8% من إجمالي تكلفة المشروع!!!. وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن عائد المشروع كله، كما اقترح د. الباز، سيتم من خلال بيع الأراضي أو تأجيرها، فإن نصيب المصريين من هذا العائد لن يزيد عن 8%، بينما يذهب الباقي إلى خارج مصر، وهو ما يعني ببساطه بيع المشروع لغير المصريين !!!. لذا، فإنه من الضروري خفض كلفة هذا المشروع حتى يكون من الممكن تمويله من خلال الحكومة والقطاع الخاص المصري.

هل هناك موازنة بين مساحة وكلفة التوسع الزراعي الذي يتيحه المشروع؟

وهنا يرى البحث أن هناك قدراً كبيراً من المبالغة في تقدير المساحات التي يمكن استزراعها على المياه الجوفية على طول هذا الممر. وعلى الرغم من أهمية ذلك الهدف، لم يقدم د. الباز في كتابه، أو في أي من لقاءاته الصحفية المتعددة، أي خريطة لمواقع ومساحات الأراضي الصالحة للزراعة أو لمواقع وسعة الخزانات الجوفية. من ناحية ثانية، بينما يقدر د. الباز المساحات التي يمكن استزراعها اعتمادا على المياه الجوفية بحوالي مليون فدان على طول الممر، فإن هناك العديد من الخبراء ومن الدراسات المتخصصة التي تؤكد استحالة تحقيق ذلك الهدف على المسار المقترح للمشروع. وقد تأكدت هذه الآراء بنتائج دراسات معهد بحوث المياه الجوفية التي أفادت بأن المياه الجوفية علي كامل امتداد الممر تعتبر محدودة ولا يمكن الاعتماد عليها في إقامة أنشطة تنموية. كما أن دراسة وزارة التنمية الاقتصادية قدرت المساحة التي يمكن زراعتها، ضمن هذا المشروع، اعتمادا على المياه الجوفية بحوالى 100 ألف فدان فقط. وعليه، يصبح من المشكوك فيه أن يحقق المشروع المقترح واحدا من أهم أهدافه.

هل الموقع المقترح للتجمعات العمرانية الجديدة حول الممر الطولي للمشروع يعتبر مناسباً؟

على الرغم من المبالغة في حجم التوسع العمراني الذي يتيحه هذا المشروع (200 مدينة ونصف مليون قرية وهو ما لم يتحقق لمصر عبر تاريخها الطويل في وادي النيل والدلتا وليس في قلب الصحراء!!!)، إلا أن النقطة المهمة هنا تتعلق بالموقع المقترح لهذه المدن. فقد أوضح د. الباز أن الموقع المقترح لهذه التجمعات سيكون حول الممر الطولي للمشروع، كما أوضح سيادته أنه لا توجد مياه جوفية على طول هذا الممر. وقد برر سيادته وضع المدن حول المحور الطولي حتى لا يضطر لوضعها في الأراضي القابلة للزراعة القريبة من النيل. إلا أن ذلك الاختيار يعتبر غير مناسب تخطيطيا للأسباب التالية:
-أن إقامة المدن الجديدة على طول هذا المحور، الذي يخلو من المياه الجوفية، يجعل من تنمية هذه التجمعات في هذه المناطق تنمية هشة تفتقد إلى أدني متطلبات التنمية المستدامة. كما يجعلها أقل قدرة على تحمل الظروف البيئية القاسية لتلك المناطق، وأقل جاذبية للسكان.
-أن مسار الممر يبعد مسافة كبيرة عن التجمعات العمرانية الكبرى على طول وادي النيل. ذلك الأمر سيقلل من الارتباط الوظيفي للمدن التي ستقام على هذا المسار مع المدن القائمة في الإقليم.
- أن ندرة الموارد الطبيعية والمياه الجوفية على طول هذا الممر، سوف تقلل من الأهمية التنموية له وتجعل دوره محصورا في عملية النقل. كما أن تلك الظروف ستجعل هذا الطريق الصحراوي الطويل طريقاً موحشاً وغير آمن حتى لعمليات النقل.
لذا، يرى البحث بضرورة أن تكون المدن الجديدة قريبة من، أو داخل، مناطق الاستصلاح الزراعي الجديدة وفي مناطق تتوافر بها المياه الجوفية. ويقترح البحث أن توضع هذه التجمعات على طول الطريق الصحراوي الغربي بما يحقق الاتصال الرأسي بين هذه المدن. وقد بدأت بعض التجمعات العمرانية الجديدة في الظهور على الجانب الغربي من هذا الطريق، مثل مدينة الفيوم الجديدة وبعض قرى الخريجين.

المحور الرأسي (الطريق الأسفلتي والسكة الحديد)..... هل هو ضرورة؟

تُشَكِل تكلفة الطريق الإسفلتي والسكك الحديدية على المحور الطولي للمشروع النصيب الأكبر من إجمالي كلفة المشروع، فهل هذان العنصران ضروريان؟ وهل لهما أهمية تتناسب مع تلك التكلفة؟. يكتسب هذان العنصران أهميتهما في أنهما يحققان هدفين رئيسيين؛ الأول: الربط بين المحاور العرضية للمشروع، والثاني: ربط مصر بوسط وجنوب إفريقيا. إلا أن التدقيق في هذا المشروع يدحض هذا التصور ويؤكد عدم واقعية هذين الهدفين. فالهدف الأول، وهو الربط بين المحاور العرضية، يمكن تحقيقه من خلال الطريق الصحراوي الغربي القائم (القاهرة-أسوان) دون الحاجة إلى طريق جديد عالي التكلفة. خاصة وأن هذا الطريق أنشئ حديثا وبمواصفات عالية، ويسير موازيا لمسار الممر المقترح، ويمكن أن يؤدي نفس الوظائف التي يستهدفها ذلك الممر. أما الربط مع وسط وجنوب إفريقيا، فمشكوك فيه لسببين. الأول: أن هذا الربط من خلال الطرق والسكك الحديدية ربما لا يكون بديلا اقتصاديا منافسا للنقل البحريMaritime Transport، خاصة إذا ما علمنا أن هناك العديد من الموانئ على الساحل الشرقي للقارة، على البحر الأحمر والمحيط الهندي، والتي ترتبط عرضيا بطرق برية تربطها بالداخل الإفريقي. الثاني: أن الربط مع وسط وجنوب إفريقيا يتطلب التنسيق من جميع الدول الإفريقية التي يمر بها المشروع وعقد اتفاقيات تلزم هذه الدول بتنفيذ الجزء الذي يخصها من هذا الطريق طبقا لتوقيتات ومواصفات محددة، إذ أن تَخَلُفْ أي من هذه الدول عن تنفيذ ما يخصها منه يجعل من الهدف الثاني الذي تنشده مصر من هذا الطريق في مهب الريح. ولا يخفي على الجميع هشاشة النظم السياسية والاقتصادية للعديد من هذه الدول. ويتأكد عدم واقعية هذا العنصر إذا ما علمنا بكلفته الباهظة. فطبقا لتقديرات دراسة وزارة التنمية الاقتصادية، فإن تكلفة خط سكك حديد الركاب تصل إلى 20 مليون جنيه للكيلو متر الطولي الواحد ومثلها لخط البضائع، وبتكلفة إجمالية 50.53 مليار جنيه!!!. كما أن تكلفة الطريق الإسفلتي على الممر الطولي تصل إلى 6.18 مليار دولار. أي أن التكلفة الإجمالية للممر الرأسي كطريق وسكك حديدية تصل 56.7 مليار جنيه!!!. وهو ما لا أعتقد معه أن معدلات التنمية الزراعية والعمرانية الحالية أو المستقبلية تبرر إنشاء هذا العنصر عالي الكلفة. أما القول بأن له أهدافا إقليمية فقد سبق تفنيده.

أنبوب للمياه من توشكى حتى العلمين!!!.... هل هو ضرورة؟

على الرغم من أن هناك بعض الاعتراضات المتعلقة بالتكلفة العالية لذلك الأنبوب وبالصعوبات الفنية التي تعترضه، إلا أنني أرى بعدم الحاجة إليه من الأساس لعدة أسباب. الأول، أنه من الممكن إقامة المدن الجديدة في المناطق التي تتواجد بها مياه جوفية، أخذا في الاعتبار أن الإحتياجات العمرانية من المياه أقل بكثير من الاحتياجات الزراعية. كما أن تغذية كل التجمعات العمرانية الجديدة المقترحة على طول ذلك الممر لأكثر من 1200 كم من خلال مصدر واحد متمثل في ذلك الأنبوب يعتبر خطأ استراتيجيا فادحاً. إذ لا يمكن ضمان سلامة هذا الأنبوب بهذا الطول من المخاطر الإرهابية أو الطبيعية كالزلازل أو السيول أو ما شابه. وأن القول بعمل خط إضافي لتلافي تلك المشكلة يعتبر قولا سطحيا ساذجا، إذ أن القوة الطبيعية أو غير الطبيعية التي تدمر خطا واحدا يمكن أن تدمر عشرة خطوط، خاصة إذا ما علمنا أن هذا الخط سيكون فوق سطح الأرض خفضاً للتكلفة. كما أن العمر الافتراضي لهذا الأنبوب، وطبقا لدراسة وزارة التنمية الاقتصادية، لن يتجاوز 30 عاما، وهو ما يعتبر عمرا محدودا، سيضيع معظمه خلال فترة تجهيز البنية الأساسية لهذه المدن. ومن حيث كلفة هذا الأنبوب، وطبقا لتقديرات دراسة وزارة التنمية الاقتصادية، تصل تلك الكلفة إلى 8.8 مليار جنيه وبواقع 7.3 مليون جنيه للكيلو متر الطولي الواحد. وبإضافة خط احتياطي تتضاعف الكلفة إلى 17.6 مليار جنيه. كما أن التكلفة التشغيلية عالية جداً ترفع تكلفة المتر المكعب الواحد من المياه إلى 15 جنيهاَ، وهو ما يعني أن ما تنفقه أسرة من خمسة أفراد على مياه الشرب فقط يصل إلى 1500 جنيه شهرياً. وفي ضوء التكلفة الإنشائية الباهظة، إضافة إلى الكلفة التشغيلية العالية، وفي ضوء قِصَر عمر هذا الأنبوب (30 عاماً) وما يكتنفه من مخاطر إستراتيجية، يرى البحث بأن تغذية التجمعات العمرانية الجديدة من خلال أنبوب بهذا الطول يعتبر أمراً غير مقبول سواء من الناحية الاقتصادية أو الإستراتيجية. وهو ما يستوجب إنشاء هذه التجمعات في مناطق تتوافر بها مياه جوفية بما يضمن استدامة عملية التنمية وبصورة اقتصادية.

هل هذا المشروع يمثل أولوية لمصر في مثل هذه الظروف؟؟؟؟

تحديد الأولويات مبدأ تخطيطي أصيل وضروري. فمن يتجاوز الأولويات، فردا كان أم أمة، كثيراً ما يفقد الموازين الدقيقة لما يأخذ ولما يدع ويعمد إلى التعميم، وإيقاف المعايير، والانحياز دون مبرر إلى الذات. كما أن ذلك يؤدي عادة إلى عدم التفريق بين الفكرة وصاحبها أو بين الحق والرجال، والركون إلى معرفة الحق بالرجال بدلاً من معرفة الرجال بإتباع الحق. الأمر الذي عادة ما يؤدي إلى أن يصبح الشخص أهم من الفكرة، فكثيراً ما نتعلّق بمبدأ تافه لمجرد محبتنا للقائل به أو نرفض مبدأ قويماً لمجرد رفضنا للمنادي به أو متبنّيه. أن من يتجاوز الأولويات قد يتجاوز الواقع كله إذا كان مراً ويهرب من مضايقاته إلى الخيال ليرسم لنفسه من خلاله الصورة التي ينشدها (طه جابر العلواني، 2011). أما بالنسبة للأمم، فحينما يتراجع علم الأولويات في أمة ما، تسود حياتها الاتجاهات الشكلية وعمليات الفصام بين النظرية والتطبيق وتفتقد أفكارها وممارساتها كثيرا من الأسس التخطيطية الرشيدة كالواقعية والموازنة بين التكلفة والعائد. لذا، فليس كل ما هو جيد يجب عمله، بل إن كونه جيدا مرتبط في الحقيقة بمقارنته بما هو أجود وما هو أقل جودة منه. فجودة الفكرة لا تعني وجوب تنفيذها، إذ أن ذلك مرتبط بإمكانية تنفيذها، والتي هي في الأساس مرتبطة بما هو متاح من موارد يمكن استغلالها في تنفيذ تلك الفكرة. كما أن ذلك يرتبط أيضا بما يؤثره ذلك التوزيع للموارد على تنفيذ أفكار أخرى تعتمد على ذات الموارد. وفي إطار ذلك المفهوم، فإن القاعدة الفقهية القائلة بأن "دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة" تبدو أمرا منطقياً، خاصة في ظل محدودية الموارد وعندما يكون الحصول على المنفعة المرجوة أمراً مشكوكاً فيه أو أن الضرر الذي يراد دفعه بات مؤكداً. وفي إطار هذا الفهم لفقه الأولويات، يبرز سؤال هام: هل هذا المشروع يمثل أولوية متقدمة لمصر في ظل ظروفها الراهنة؟. ومما لا شك فيه أن مصر الآن في حاجة إلى مشاريع ذات عائد اقتصادي واجتماعي سريع وذات مستوى مخاطرة منخفض، وهو حتما ما لا يوفره هذا المشروع بالصورة التي هو عليها. إذ أن ما ذكر في النقاط السابقة يؤكد ارتفاع مستوى المخاطرة فيه، كما أن عائده، بافتراض جدواه، سيكون على المدى البعيد، وهو ما لا يستطيع تحمله إلا الاقتصادات ذات القدرة الذاتية على التمويل. أما تمويل هذه المشاريع بالدين فيجعل من توقع هذا العائد أمرا مشكوكا فيه، أو محدودا جدا في أفضل التوقعات. الأمر الذي تتراجع معه أولوية هذا المشروع بصورته الحالية. وفي ضوء التكلفة التقديرية الباهظة لهذا المشروع والتي من المتوقع أن ترتفع كثيرا بعدما نغرق بالبدء فيه، فإن رفع أولوية هذا المشروع مرهون بخفض كلفته من خلال نظرة تخطيطية واقعية تتفادى الأبعاد الإستراتيجية السلبية للمشروع وتحقق الموازنة بين كلفتة وعوائده المرجوة. وفي هذا الإطار، يقدم البحث في الجزء التالي تصورا مقترحا لتطوير الفكرة التخطيطية للمشروع بما يتفادى غالبية الانتقادات الموجهة إليه. نأمل أن يتم عرض هذا التصور في مقال قادم قريب إن شاء الله.
  • أرسلت رسائل اليكترونية بهذه الاستفسارات لكل من: أ. د. رئيس مجلس الوزراء (أ.د. عصام شرف)، أ. د. رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا

المراجع

  1. ^ ممر التعمير في الصحراء الغربية وسيلة لتأمين مستقبل الأجيال القادمة في مصر
  2. ^ رشدي سعيد، حول طريق الباز(من قريب للأستاذ سلامة أحمد سلامة)، جريدة الأهرام، القاهرة، 17 يناير 2006.
  3. ^ السكان. الهيئة العامة للاستعلامات.
  1. فاروق الباز، الفضاء ومستقبل الإنسان. دار المعارف، القاهرة،1977.
  2. فاروق الباز، مصر كما تراها أقمار لاندسات، دار المعارف القاهرة،1978.
  3. فاروق الباز، مصر الخضراء،دار المعارف، القاهرة،1979.
  4. محمد محمود عبد العال، فاروق الباز-الفضاء والصحراء، دار سنابل، المنصورة، 1996.
  5. فاروق الباز، العالم العربي وبحوث الفضاء-أين نحن منها؟، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي،1998.
  6. فاروق الباز، حاجتنا إلى تخصص تقانة المعلومات في المستقبل، مجلة الفيصل، الرياض، عدد 284،مايو/يونيو 2000، ص84-88، 2000.
  7. فاروق الباز، الثورة الخضراء لزيادة الرقعة الزراعية في مصر. مكتبة الأسرة، مهرجان القراءة للجميع، القاهرة،2005.
  8. فاروق الباز، ممر التعمير في الصحراء الغربية. وسيلة لتأمين مستقبل الأجيال القادمة في مصر. جريدة الأهرام، 3 سبتمبر، ص9، القاهرة 2005.
  9. عبد العاطي محمد، تعمير الصحراء الغربية في مصر. مجلة الأهرام العربي، العدد 444،ص 12-15، القاهرة، السبت 24 سبتمبر 2005.
  10. رشدي سعيد، حول طريق الباز(من قريب للأستاذ سلامة أحمد سلامة)، جريدة الأهرام، القاهرة، 17 يناير 2006.
  11. وفاء البرادعي، بدء دراسة مشروع فاروق الباز لتنمية الصحراء. تحقيق عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية، جريدة الأهرام، القاهرة، 18 مارس 2006.
  12. إسماعيل سراج الدين، المنهج العلمي وممر التنمية بالصحراء الغربية. جريدة الأهرام، القاهرة، 29 سبتمبر 2006.
  13. عنتر عبد العال أبو قرين، ممر(التنمية والتعمير).. رؤية نقدية. جريدة الشروق: الخميس 14 أبريل 2011.
  14. مصطفى السعيد، ممر التنمية والتعمير وأولويات التنمية، جريدة الشروق: الخميس 5 مايو 2011
  15. عنتر عبد العال أبو قرين، "ممر التنمية والتعمير".... استفسارات تنتظر التوضيح من د. الباز، "الأهرام العربي" بتاريخ 9 يوليو 2011، السنة 15–العدد 746.
  16. عنتر عبد العال أبو قرين، "ممر التنمية والتعمير – دراسة تحليلية نقدية وتصور مقترح"، 2011. الترقيم الدولي: 21235/2011.


0 التعليقات:

إرسال تعليق